الأثر المخفي للحرب: دراسة شاملة للإصابات العظمية في اليمن
الحرب هي واحدة من أكثر الظواهر المدمرة في تاريخ البشرية. إنها تحصد الأرواح وتهدم البنية التحتية وتزرع الفقر والجوع والمرض. ولكن هذه ليست سوى الآثار المرئية للحرب، فهناك آثار أخرى مخفية ولكنها لا تقل خطورة. إنها الإصابات التي تتركها الحرب على الناجين، والتي تؤثر على صحتهم ووظيفتهم ونوعية حياتهم.
في هذا المقال، سنستعرض بحثا مهما ومؤثرا أجراه باحثون يمنيون عن الإصابات العظمية المتعلقة بالحرب في اليمن، وهو البلد الذي يعاني من حرب أهلية مستمرة وأزمة إنسانية متفاقمة منذ عام 2015. سنتعرف على الهدف والمنهجية والنتائج والتوصيات لهذا البحث، وسنناقش أهميته وتأثيره على المجتمع الطبي والإنساني.
الهدف والمنهجية
هدف البحث هو وصف الإصابات العظمية المتعلقة بالحرب في اليمن وتأثيرها على صحة ووظيفة الناجين. ولتحقيق هذا الهدف، استخدم الباحثون منهجية تحليلية واسترجاعية، حيث قاموا بجمع وتحليل البيانات من السجلات الطبية وسجلات الإصابات لـ 3930 مريضا تم إدخالهم إلى ثلاثة مراكز رئيسية للإصابات في مدينة صنعاء بسبب الإصابات العظمية المتعلقة بالحرب من يناير 2015 إلى ديسمبر 2020.
وقد تضمنت البيانات المجمعة معلومات عن الديموغرافية وآليات الإصابة وأنواع ومواقع الإصابة والعمليات الجراحية والمضاعفات والوفيات والنتائج الوظيفية باستخدام استبيان تقييم المسؤولية على الجهاز العظمي الثانوي. وقد استخدم الباحثون الإحصاءات الوصفية والاستدلالية لتحليل البيانات وأجروا تحليلا للانحدار اللوجستي لتحديد العوامل المرتبطة بالوفاة.
النتائج والتوصيات
أظهرت النتائج أن معظم المرضى كانوا من الذكور الشباب والمدنيين الذين تعرضوا لإصابات معقدة وشديدة تؤثر على مناطق متعددة من الجسم، وخاصة الأطراف السفلية. وكانت الآليات الرئيسية للإصابة هي الجروح بالرصاص والإصابات بالانفجارات وانفجارات الألغام الأرضية. واحتاج المرضى إلى عمليات جراحية متعددة وزراعة مزروعات، وكان لديهم معدلات عالية من المضاعفات والوفيات. وكانت المضاعفات الأكثر شيوعا هي العدوى وعدم التئام العظم وعدم التلازم والبتر. وكانت السبب الأكثر شيوعا للوفاة هو التسمم الدموي. وكانت النتائج الوظيفية سيئة، كما يدل على ذلك متوسط درجة تقييم المسؤولية على الجهاز العظمي الثانوي العالي. وأظهر تحليل الانحدار اللوجستي أن العمر المتقدم والإصابات بالانفجارات وإصابات العمود الفقري والإصابات الوعائية والعدوى كانت متنبئات مهمة للوفاة.
واستنادا إلى هذه النتائج، قدم الباحثون بعض التوصيات للبحوث المستقبلية والتدخلات العملية. ومن بين هذه التوصيات:
- استكشاف عوامل الخطر للعدوى وعدم التئام العظم / العدم التلازمي، وتطوير استراتيجيات للوقاية منها وعلاجها.
- تقييم فعالية وكفاءة العمليات الجراحية والمزروعات المختلفة، واختيار أفضل الخيارات لكل حالة.
- تقييم النتائج طويلة الأمد ونوعية الحياة للناجين، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والمهني لهم.
- تطوير تقنيات جديدة لتعزيز تجميل وشفاء العظام والأنسجة الرخوة، وتقليل الحاجة إلى البتر والمزروعات.
- تعزيز التعاون بين الباحثين والمهنيين الصحيين وصناع القرار، وتبادل الخبرات والموارد والمعلومات.
- الدعوة إلى وقف الحرب والعنف والنزاعات، والعمل من أجل السلام والتنمية والعدالة.
الأهمية والتأثير: يعتبر هذا البحث من أهم وأكثر الأبحاث تأثيرا في مجال الإصابات العظمية المتعلقة بالحرب في اليمن. إنه يسلط الضوء على مشكلة صحية خطيرة تواجه الشعب اليمني، ويقدم معلومات قيمة وموثوقة للمجتمع الطبي والإنساني. إنه يساهم في تعزيز المعرفة والوعي بالموضوع، ويحفز المزيد من البحوث والتدخلات في هذا المجال. إنه يدعم الجهود الرامية إلى تحسين الرعاية الصحية والوقاية من الإصابات والتأهيل للناجين. إنه ينادي بالتضامن والتعاطف مع الضحايا والمتضررين من الحرب. إنه يدافع عن السلام والكرامة والحقوق الإنسانية للشعب اليمني.
إذا كان لديكم أي تعليق أو سؤال أو اقتراح، فلا تترددوا في مراسلتنا. شكرا لكم على وقتكم واهتمامكم.